وتتوزع هذه الدراسة، التي تقع في 184 صفحة من القطع المتوسط، إلى بابين يتناول الأول سوسيولوجيا التخييل الروائي من خلال فصلين يتطرق الأول إلى “تنظيرات في سوسيولوجيا النص الروائي” في حين ينكب الثاني على “سوسيولوجيا النقد الروائي المغربي”، أما الباب الثاني فيتطرق إلى سوسيولوجيا الرواية المغربية “بعيدا من الضوضاء قريبا من السكات” عبر فصلين يرتبط الأول ببنية التناقض والتقاطب الإيديولوجي ،في حين يتعلق الثاني بصراع المصالح وتنافر الإيديولوجيات.
وبحسب المؤلف تتناول الدراسة إشكالية تفترض أن البنية الداخلية للنص الروائي بمثابة مجتمع لساني ولغوي يتضمن مختلف الآثار الاجتماعية والإيديولوجية، وأن اللغة الحاضرة فيه تمتص كل التحولات والصراعات المجتمعية القائمة بين فئاته المتناقضة وأفراده الذي يعملون على الدفاع عن مصالحهم ووجودهم.
يقول المؤلف المتخصص في تحليل الخطاب والأشكال الثقافية، في التمهيد لأطروحته بهذا الكتاب: “إذا كانت الرواية بمثابة مجتمع لساني، يتشكل من مجموعة من الشخصيات التي لها لهجتها الخاصة، فإن الأصوات التي تحضر فيها تنتمي إلى فئة اجتماعية لها مكانتها الثقافية والفكرية والسياسية التي تميزها عن غيرها”.
ووفق ا للمؤلف، بما أن الرواية “عالم تخييلي لساني”، فإن الأصوات التي تحضر فيه “تعبر عن التناقضات والتنافرات الفاضحة للإيديولوجيات والتوجهات، وتلعب اللغات الجماعية في هذا الجانب دور الوسيط بين البنيات الداخلية للرواية والوضعية السوسيولسانية”.
وجاء في مقدمة المؤلف أنه ” اخترنا الاشتغال على هذا الموضوع لجدته في النقد المغربي، ورغبتنا للإسهام في سوسيولوجيا النص الروائي المغربي إيمانا منا بأن الرواية المغربية قادرة على احتواء المناهج النقدية الغربية والتفاعل معها، وبناء عليه نتساءل، هل” بعيدا من الضوضاء قريبا من السكات” قدمت بعضا من خصائص الرواية المغربية وأبرزت الدور الذي تقوم به اللغة على مستوى التشكيل المجتمعي؟”.
وتقوم الدراسة ، يضيف الباحث، على استنطاق البنية الداخلية لرواية “بعيدا من الضوضاء قريبا من السكات” لمحمد برادة، “وعيا منا أن عملنا ما هو إلا محاولة من بين محاولات على قلتها عملت على تلمس الأبعاد الاجتماعية والإيديولوجية في الرواية المغربية باتخاذ اللغة منطلقا للقبض على هذه الأبعاد السوسيولوجية”.
وتابع أنه من أجل تحقيق “هدفنا وضعنا خطة عمل تقوم بداية على حصر الدراسات الغربية والمغربية التي اتخذت من سوسيولوجيا النص الروائي عند بيير زيما خاصة تصورا لدراسة النص الروائي العربي عامة والمغربي خاصة، لكننا لم نجد دراسات شافية وكافية تعبد أمامنا الطريق لخوض هذه التجربة، باستثناء أعمال قليلة سنشير إلى بعضها، علما أننا اعتمدنا بعضها في بحثنا، ورجعنا إليها في مجموعة من مراحله، إما في جانبه النظري أو التطبيقي”
ومن أجل الاسهام في إغناء سوسيولوجيا النص الروائي العربي عموما، والمغربي خصوصا، يضيف الباحث تم وضع مخططا للبحث، يقوم على استحضار التطور الذي عرفته الممارسة السوسيولوجية في النقد الغربي، وأيضا الوقوف عند مدى تفاعل النقد المغربي مع مستجدات سوسيولوجيا الرواية، حتى يتم ربط النتائج السابقة بنتائج البحث الذي هو امتداد لمحاولات ودراسات سابقة.
يذكر أن بلكودري ، عضو الجمعية المغربية للباحثين في الرحلة، حائز على جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة في حقل الدراسات عن كتابه “التخييل في الرحلة العربية المعاصرة” (2024).
الحدث:وم ع