واعتبر الباحث الصربي أن “الدول التي تمتلك القدرة على التأثير في سياسات +بوليساريو+، وفي المقام الأول الجزائر، ملزمة بموجب القانون الدولي، وليس فقط من وجهة نظر أخلاقية، بمنع استغلال وضعية السكان المحتجزين على أراضيها واستخدام التمويلات الإنسانية لأغراض غير مشروعة”، مسلطا الضوء على النقاط البارزة في التقرير الذي نشرته الوكالة الأممية التي تتخذ من روما مقرا لها.
وبحسب السيد فوسيتش، وهو أيضا أستاذ مشارك في كلية الدبلوماسية والأمن بجامعة بلغراد، فإن تقرير برنامج الأغذية العالمي يمكن أن يشكل “دليلا إضافيا” على تحويل المساعدات الإنسانية المخصصة لساكنة مخيمات تندوف، والذي “ما فتئ المغرب يندد به منذ سنوات عدة لدى المجتمع الدولي”.
وأشار إلى أن الظروف المعيشية السائدة في هذه المخيمات، حيث يعيش السكان وسط غموض قانوني بينما ي حرمون من الحماية التي تؤمنها اتفاقية العام 1951 المتعلقة بوضعية اللاجئين، تتسم بسوء التغذية المزمن، لاسيما بين النساء والأطفال، لافتا إلى أن تحويل المواد الغذائية في اتجاه السوق السوداء، وحرمان من هم في أمس الحاجة إليها، “يجعل هذا الوضع الاستثنائي أكثر إثارة للقلق”.
وأوضح الباحث أن تقرير برنامج الأغذية العالمي أشار إلى استحالة وصول الوكالات الأممية المتخصصة إلى المخيمات دون عوائق، واصفا الرقابة الداخلية على توزيع المساعدات الإنسانية التي تقوم بها “البوليساريو” بـ “المنحازة بطبيعتها”.
وقال إن “التحكم في توزيع المساعدات الإنسانية المخول لهذه المليشيات من قبل الجزائر، يمكن وصفه وفقا لقواعد القانون الإنساني الدولي، بأنه تفويض غير مشروع للسلطة، التي ينبغي ممارستها من طرف الدولة، إلى مجموعة انفصالية مسلحة ليس لها أي وضع أو مسؤولية إزاء القانون الدولي”، محذرا من” المخاطر الأمنية الإضافية”، الناشئة عن الصلات الوثيقة لـ “البوليساريو” بالجماعات الإرهابية النشيطة في منطقة الساحل.
كما ذكر السيد فوسيتش بأن جميع قرارات مجلس الأمن الدولي، منذ العام 2011، تدعو الجزائر إلى السماح بإجراء إحصاء لساكنة مخيمات تندوف، تماشيا مع القانون الدولي الإنساني.
وتابع الخبير أن قرار مجلس الأمن الجديد 2654 حث (في الفقرة 23 من الديباجة) “مرة أخرى” الجزائر على “تسجيل سكان مخيمات تندوف على النحو الواجب، وشدد على أهمية اتخاذ جميع التدابير اللازمة لهذا الغرض”، مشيرا إلى أنه “تم توجيه نفس الطلب (ضمن الفقرة الإجرائية رقم 15) إلى وكالات الأمم المتحدة قصد اعتماد +الممارسات الفضلى+ للأمم المتحدة في إيصال المساعدات الإنسانية إلى ساكنة المخيمات”.
وفيما يتعلق بالتدفقات المالية التي يستفيد منها قادة “البوليساريو”، أبرز الباحث أن مكتب مكافحة الاحتيال التابع للاتحاد الأوروبي أشار في تقرير ن شر سنة 2015 إلى وجود تحويل منهجي منذ أزيد من أربعة عقود للمساعدات الإنسانية الممنوحة للساكنة الصحراوية المحتجزة في مخيمات تندوف على التراب الجزائري.
وسلط هذا التقرير، بناء على تحقيق أجراه مكتب مكافحة الاحتيال التابع للاتحاد الأوروبي، الضوء على مسؤولية الجزائر “المتواطئة النشطة في عملية اختلاس هذه المساعدات، والتي عادة ما تبدأ بمجرد وصول الشحنات إلى ميناء وهران الجزائري”، مسجلا أنه تم الإبلاغ عن عمليات التحويل هذه ضمن تقارير التفتيش الأخرى لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فضلا عن منظمات حكومية دولية ومنظمات غير حكومية أخرى.
وللإشارة، ضمن تقريره لعام 2021، لفت الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الانتباه إلى اختلاس الأموال والمساعدات الغذائية المخصصة للسكان المحتجزين من طرف “البوليساريو”. من جانبه، اعتمد البرلمان الأوروبي قرارا يطالب من خلاله الاتحاد الأوروبي بافتحاص استخدام المساعدات الإنسانية الأوروبية من قبل “البوليساريو” منذ العام 2015.
وبالنظر لمجموع هذه الحقائق، خلص الخبير في القانون الدولي إلى أن “أية مساعدة تقدم لـ +البوليساريو+ من طرف الجزائر، سواء كانت مالية أو عسكرية أو غيرها، لن تؤدي إلا إلى استمرار هذه الممارسات غير المشروعة التي تتعارض مع المعايير القانونية الدولية التي يعترف بها المغرب والجزائر، وكذا من قبل أعضاء آخرين في الأمم المتحدة”.