ويعد البحر الأبيض المتوسط من المناطق النشطة جيولوجيا نتيجة اصطدام القارات الإفريقية والأوروبية والآسيوية الغربية، وأدى هذا الاصطدام الذي يستمر منذ 65 مليون سنة إلى تكوين جبال الألب، كما ساهم في تقليص مساحة المتوسط.
وتتحرك القارة الإفريقية بمقدار 2.5 سم في السنة تحت الصفيحة الأوروبية، الشيء الذي يسبب زلازل متكررة ونشاطات بركانية.
وعلى الرغم من أن البنية الجيولوجية تحت السطحية للبحر الأبيض المتوسط قد تمت دراستها على نطاق واسع، فإن البيانات الإقليمية القليلة المتاحة حتى الآن لا تسمح لنا بتحديد الحدود بين الصفيحتين، وفهم النشاط التكتوني حولها.
وفي هذا الإطار قالت الدكتورة المصرية إلهام محمود، خبيرة البيئة وعلوم البحار بالأمم المتحدة وأستاذة بـ”الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء” بمصر، في حوار مع “فرانس 24” إنه من المهم معرفة أن البحر الأبيض المتوسط ليس بحجم المحيطات التي تستوعب أن يكون فيها موجات متلاحقة تسمى بتسونامي.
فالحركة التكتونية معروفة في منطقة المتوسط وتحديدا في دول بلاد الشام وتركيا، ويمكن أن وصفها بأنها تحصل فيها إزاحة. وكما نعلم الزلازل مصدرها حدوث بعض الإزاحات الأفقية أو العمودية في القشرة الأرضية.
وأوضحت الخبيرة أن هذا يتم في المناطق التي توجد فيها الفوالق. ولحدوث تسونامي، المفترض أن تكون الإزاحة، التي تحصل بين الفوالق الأرضية، إزاحة عمودية.
ويجب أن تكون إزاحة بشكل شديد وواضح، لكن هذه الإزاحة عندما تكون أفقية لا تتسبب بتسونامي، وهذا النوع من الإزاحة هو المعروف في منطقة المتوسط.
وأشارت الخبيرة إلى أن أهل منطقة المتوسط محظوظون بأن الإزاحة التي تقع فيها من النوع الأفقي وليس الرأسي، وبالتالي لا ينتج عنها تسونامي ولا يمكن حتى أن يحصل هذا مستقبلا في منطقة المتوسط بما فيها المنطقة المغاربية ومعها مصر.
منوهة إلى أنه عند التحدث عن زلزال تركيا وسوريا، فالعلماء الذين حللوا الظاهرة وجدوا أن موضوع تفريغ الطاقة أو الإزاحة، تمت كلها أو غالبيتها بشكل أفقي، يعني إزاحة أفقية.
وقالوا إنه من 80 حتى 85 بالمئة من عمليات تفريغ الطاقة تمت بهذا الشكل. في المقابل نسبة بسيطة تتراوح ما بين 15 حتى 20 بالمئة تمت بشكل عمودي.
وأكدت إلهام محمود على أن هذه النسبة لا يمكن أن يتبعها حدوث تسونامي في المنطقة، لكن هذه النسبة البسيطة هي التي دعت السلطات التركية المختصة إلى الإعلان أن بعض الدول المتوسط يمكن أن تكون معرضة لبعض الزلازل.
لكن بعد فترة من التروي وتحليل النتائج الموجودة اكتشفوا أن نسبة الإزاحة العمودية قليلة لا يتبعها حدوث تسونامي. وهناك ملاحظة مهمة جدا في هذا السياق، هي أن التسونامي الذي يحصل عقب حدوث زلزال ضخم كما الذي هز تركيا وسوريا، المفترض أنه يحصل خلال ساعات وليس أيام.
وشددت على أن زلزال تركيا وسوريا مر عليه أكثر من أسبوع، لذلك ليس من الممكن بل من المستحيل أن يحدث تسونامي نتيجة هذا الزلزال.
تاريخ تسونامي البحر الأبيض المتوسط
شهد البحر الأبيض المتوسط العديد من موجات التسونامي، التي تسببت بها الزلازل القوية أو الانهيارات الأرضية، بالإضافة إلى البراكين النشطة الواقعة على طول الحدود بين القارة الإفريقية والقارة الأوروبية والآسيوية الغربية.
وكانت أكثر موجات التسونامي تدميرا في التاريخ قبل حوالي 3500 سنة، حيث تسببت بتدمير الحضارة المينوية، وهي من أقدم الحضارات اليونانية، وتعود إلى العصر البرونزي.
واستوطنت هذه الحضارة جزيرة كريت منذ أن بدأ بناؤها في الألفية السابعة قبل الميلاد، وكان سبب التسونامي أحد البراكين النشطة الواقعة في سانتوريني باليونان، كما تقول بعض الأساطير إنه كان سبب اختفاء أطلانتس.
وفي عام 365 بعد الميلاد، ضرب زلزال بقوة 8.5 درجة على مقياس ريختر سواحل جزيرة كريت، ما تسبب بموجة تسونامي في العديد من السواحل في اليونان وإيطاليا ومصر، الشيء الذي أدى إلى مقتل 5 آلاف شخص في الإسكندرية وحدها.
وفي عام 1908، ضربت تسونامي وصل ارتفاعها إلى 13 مترا، السواحل الأوروبية المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط، وكان سببها زلزال في عمق البحر قبالة سواحل صقلية، وهي أكبر جزيرة في المتوسط، ما تسبب بمقتل أكثر من ألفي شخص.
أما منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط غير البعيدة عن حوض البوران، فإن آخر تسونامي شهدته يعود إلى عام 2003. وبلغ ارتفاعها حوالي مترين، وألحق أضرارا بشواطئ جزر البليار الإسبانية، على بعد حوالي 300 كيلومتر شمال مركز الزلزال.
المصدر: وكالات