وقدتأسّست صحيفة فرانس سوار عام 1944، وفي وقت سريع بدأت بتحقيق أرقام مبيعات عالية. عاشت نجاحاً بين الخمسينيات والستينيات. ومع الوقت، واجهت الصحيفة الكثير من المطبّات، وتعاقب عليها رؤساء ومديرو تحرير مختلفون، لكنّها في كلّ مرة نجحت في العودة إلى طريق المنافسة.
وكان هذا رأي معظم الصحف الفرنسية، وكذلك الكثير من العاملين في السياسة والقطاعات العلمية. بفضل هذا النوع من المعالجات الصحافية، في فترة حساسة احتاج فيها الرأي العام إلى الاطلاع على آراء مختلفة عن الخطاب الرسمي، ارتفع عدد زوار الموقع إلى أعلى مستوياته. بحسب إحصاءات عام 2020، وصل عدد زوار “فرانس سوار” إلى 3 ملايين في الشهر الواحد. وبقيت هذه الأرقام على حالها طيلة العام.
ووجاء قرار مجلس الصحافة الأخير بعد الكثير من التساؤلات عن دور الدولة في الحدّ من نشر الأخبار المُضلّلة. في بداية عام 2021، كانت وزيرة الثقافة السابقة روزلين باشلو، قد طلبت من المجلس إعادة النظر في رخصة الموقع (رخصة نشر معلومات سياسية وعامة). لكن “فرانس سوار” نجح في الحفاظ على رخصته آنذاك، بعدما قرّر مجلس الصحافة والمطبوعات في إبريل 2021 عدم سحبها.
وكانت الإدارة “حذرة” حينها، على الرغم من الملاحظات الكثيرة، لكنهم تخوّفوا من أن تكون “حججهم غير صلبة” بما يكفي وفق معلومات تناقلتها الصحافة. بعد هذا القرار، نشرت صحيفة لو فيغارو الفرنسية، مقالاً عبّرت فيه عن الصدمة من تجديد رخصة “فرانس سوار”، على الرغم من “ترويج نظريات المؤامرة التي لا تمتّ إلى العمل الصحافي بصلة”، مضيفة: “الكلمات لا تكفي لوصف التحوّل في الخط التحريري في الأشهر الأخيرة”.
وعُقد اجتماع مجلس الصحافة والمطبوعات الفرنسي الأخير واتُخذ القرار بعدم تجديد الرخصة، ليحظى القرار بشبه إجماع وترحيب من المؤسسات الصحافية. وفسّر المجلس قراره بالإشارة إلى أنّ الموقع “لم يعد يستوفي الشروط” وبأنّه “أضرّ بالصالح العام”.
وستؤدّي قرارات مجلس الصحافة والمطبوعات الأخيرة إلى حرمان الموقع من الإعفاء الضريبي على التبرعات، ومن تخفيض الضريبة على القيمة المضافة، كما سيصير أصعب على العاملين فيه الحصول على البطاقات الصحافية.
وفي ردّ أول وأخير من “فرانس سوار”، نشر الموقع مقالاً بقلم مديره، رجل الأعمال كسافيه ألزابير، تحدّث فيه عن تلقي الإدارة قرار سحب الترخيص عبر الصحافة من دون تبليغ رسمي واضح. كما كرّر مراراً “استقلالية” الموقع التامّة، مؤكّداً أنّه لا يتقاضى أيّة مساعدات مالية من الدولة، بل يستمر بفضل مساعدات القرّاء “المعفيّة من الضريبة”. كذلك، انتقد ألزابير الإجماع الصحافي على القرار الذي وصفه بأنّه “سياسي”، واعتبره تأكيداً على أنّ زمن “عمل الصحافة على حماية تعدّدية الآراء قد ولّى”.
الحدث:العربي الجديد