وأبرز السيد لحسن حداد، الرئيس المشترك للجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، في رسالة موجهة الى النواب الاوروبيين، أن “هذه الوضعية تشغلنا بصفتنا نوابا مغاربة، إذ أن جزءا كبيرا من الساكنة المحتجزة في مخيمات تندوف هم صحروايون مغاربة”.
وأوضح، في هذا السياق، أن الجزائر تعتبر الصحراويين المغاربة (فضلا عن آخرين منحدرين من منطقة الساحل) على التراب الجزائري بمثابة “لاجئين”، في حين يعتبرهم المغرب “ساكنة محتجزة” رغما عن إرادتها في مخيمات تندوف.
وبالرغم من كونها تعتبرهم ك”لاجئين”، فإن الجزائر لا تطبق بشأنهم اتفاقية جنيف لسنة 1951، أو بروتوكول 1967 الملحق بها. إذ وفضلا عن كونهم “مكدسين”، فإن حرية تنقلهم تخضع لمراقبة وليس مرخصا لهم التوجه إلى بلدان أخرى، أو مزاولة أي نشاط مدر للربح، كما يلاحظ ذلك السيد حداد، الذي انتقد هذا “التكديس” المنافي لروح ومنطوق الحق الدولي للاجئين.
وعلى الرغم من النداءات المنتظمة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الموجهة للجزائر من أجل إحصاء وتسجيل “اللاجئين” الصحراويين كما ينص على ذلك القانون الدولي، فإن هوية وعدد هؤلاء اللاجئين المزعومين يظل لغزا.
وذكر السيد حداد أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أكدت ، في بيانها الصادر في 28 شتنبر 2018، أن الرقم الرسمي لإحصاء “اللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف بالجزائر” هو ” 90 ألف”، وهو العدد الذي تم استكماله منذ سنة 2006 بـ35 ألف حصة إضافية، مشيرا إلى أن المفوضية ستواصل ، مع ذلك ، الاعتماد على هذه الأرقام إلى غاية إجراء عملية إحصاء كاملة.
وقد تمت إضافة 35 ألف حصة غذائية للتعامل مع تأثير الفيضانات على الفئات الأكثر هشاشة، وكذا للتعامل مع الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات أو الجفاف الشديد.
وأوضح السيد حداد أن “الجزائر وجبهة +البوليساريو+ تؤكدان أن هناك عددا أكبر من اللاجئين يعيشون في المخيمات ويتلقون مساعدات إنسانية، في ظل هذه التقديرات المبالغ فيها على الأرجح. لكنهم يرفضون باستمرار إحصاء وتسجيل + اللاجئين + رغم الدعوات المستمرة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومجلس الأمن الدولي”، مضيفا أن أدلة دامغة تكشف أن جزءا من المساعدات الانسانية يتم بيعها من قبل مسؤولي ” البوليساريو ” في السوق السوداء جنوب الجزائر ومنطقة الساحل.
وذكر ، في هذا الصدد، أن المكتب الأوروبي لمكافحة الغش كشف في سنة 2015 أن المساعدات الإنسانية للاتحاد الأوروبي، والتي بلغت 105 ملايين أورو على مر السنين، يتم تحويلها بانتظام من قبل “البوليساريو” من أجل أنشطة من قبيل شراء أسلحة، لافتا إلى أن القضية ذاتها كانت موضوع ملتمس قدمه البرلمانيون الأوروبيون في 24 يوليوز 2020.
من جهة أخرى، أعربت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، بمناسبة التقرير الدوري الرابع للجزائر في 20 يوليوز 2018، عن قلقها ” إزاء تفويض السلطة بحكم الأمر الواقع” بمخيمات تندوف من قبل الجزائر إلى “البوليساريو” ، ولا سيما السلطة القضائية، وهي الوضعية التي لا تتوافق مع التزام الجزائر باحترام وضمان جميع الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي لكافة الأشخاص الموجودين فوق ترابها .
كما عبرت عن قلقها إزاء المعلومات التي تفيد، تبعا لما سبق ذكره، أن “ضحايا انتهاكات أحكام العهد في مخيمات تندوف لا يتاح لهم الولوج إلى انصاف فعال أمام محاكم الدولة الطرف ، أي الجزائر “.
لذلك، حث السيد حداد كافة أعضاء البرلمان الأوروبي على اتخاذ التدابير اللازمة لدفع الجزائر على وضع حد لهذا الوضع غير القانوني وحملها على أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة في إدارة المخيمات وحرية تنقل السكان والولوج الحر إلى العدالة الجزائرية.
كما دعا اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي إلى إجراء تحقيق شامل بشأن التوظيف غير القانوني للأطفال الجنود من قبل “البوليساريو”، الكيان الذي يقوم بتدبير المساعدات الإنسانية للاتحاد الأوروبي كما تتلقاها الحكومة الجزائرية.
وذكر، في هذا السياق، بأن “البوليساريو” تجاهر بتوظيف الأطفال في النزاع، حيث تقوم وسائل إعلامها الدعائية، بشكل منتظم، بنشر مقاطع فيديو لأطفال يرتدون زيا عسكريا ويتم تدريبهم وتلقينهم عقيدة القتال، في حين يصرح القانون المتعلق بحقوق الإنسان أن سن 18 عاما يعد الحد الأدنى القانوني لتجنيد الأطفال واستخدامهم في العمليات العسكرية.
كما أن تجنيد وتوظيف الأطفال دون الـ 15 عاما كجنود هو محظور بموجب القانون الإنساني الدولي – المعاهدة والعرف – وتعرفه المحكمة الجنائية الدولية على أنه جريمة حرب.
وخلص السيد حداد إلى أنه ينبغي على المجتمع الدولي ، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، واليونيسف ، والبرلمان الأوروبي ، والمنظمات غير الحكومية مثل ” تشايلد صولدرز – الأطفال الجنود “، و”وورلد فيجن” وغيرها، أن يدفعوا الجزائر لتحمل مسؤوليتها على الانتهاك الصارخ للبروتوكول السالف الذكر، الذي قامت الحكومة الجزائرية بالتصديق عليه سنة 2016.
و.مع/ح.ما