ويأتي توقيع هذه الاتفاقيات، تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية بمناسبة إعطاء الانطلاقة الرسمية للبرنامج الوطني لتعميم وتطوير التعليم الأولي بتاريخ 18 يوليوز 2018، تحت شعار: “مستقبلنا لا ينتظر”، وكذا في إطار مواصلة مسار إصلاح منظومة التربية والتكوين الذي يضع التعليم الأولي في صلب اهتمامه، باعتباره المدخل الأساسي لتحقيق أسس مدرسة الجودة.
ويندرج توقيع هذه الاتفاقيات في إطار تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي يدعو إلى تحقيق نهضة تربوية رائدة وللبرنامج الحكومي الذي يضع التعليم في قلب أولوياته وفي صلب تنمية الرأسمال البشري وتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية.
وستمكن الاتفاقية الإطار الموقعة بين السيد بنموسى ورئيس المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، السيد نور الدين بوطيب، من الارتقاء بجودة التعليم الأولي واستثمار التجربة المهمة التي راكمتها هذه المؤسسة، منذ سنوات، في إطار الشراكة التي تجمعها مع الوزارة، والتي أثبتت نجاعتها في تدبير هذا الطور التعليمي، في احترام تام للضوابط والمعايير التي حددتها الوزارة.
وبموجب هذه الاتفاقية ستشرف المؤسسة على التسيير المباشر لأقسام التعليم الأولي العمومي المحددة في هذه الاتفاقية وإرساء وتنزيل منظومة مندمجة ومتكاملة لتكوين المربيات والمربين وتقوية قدراتهم المهنية والرقي بأدائهم بالحرص على انتقاء المتوفرين على الأهلية لمزاولة المهنة، والرفع من الغلاف الزمني للتكوين الأساس والمستمر المخصص لهم، وكذا تفعيل منظومة تقييم المهارات المكتسبة للأطفال المحددة في الإطار المنهاجي والنموذج البيداغوجي المعتمد من طرف الوزارة والممارسات البيداغوجية للمربيات والمربين، إلى جانب توفير الأدوات التعليمية والوسائل الديداكتيكية والتجهيزات الملائمة التي تراعي خصوصية هذا النمط من التعليم.
كما سيتم إرساء الآليات الكفيلة بتمويل العمليات المتعلقة بتدبير أقسام التعليم الأولي، من حيث الإشراف الإداري والتقني والتتبع والتأطير التربوي والتسيير والتجهيز، إضافة إلى توفير الاحتياجات السنوية من الموارد البشرية وفق مواصفات ملائمة، وذلك بمقتضى اتفاقيتي شراكة : الأولى ثلاثية الأطراف تم توقيعها بين السيد بنموسى والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، السيد فوزي لقجع، والسيد بوطيب، والاتفاقية الثانية خماسية الأطراف وقعها السيد بنموسى مع كل من وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، السيد يونس سكوري والسيد لقجع، والوالي المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، السيد محمد دردوري، والسيد بوطيب.
وقال السيد بنموسى في تصريح ل(M24) القناة الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه الاتفاقيات الثلاث تهدف إلى تسريع تعميم التعليم الأولي في المناطق القروية وشبه الحضرية والحضرية، مع ضمان جودته، وذلك من خلال تدريب المربيات والمربين، سواء أكان أوليا أم مستمرا، وتوظيف الأشخاص المؤهلين ومواكبة ومراقبة التعليم.
من جانبه، أكد السيد سكوري على أهمية هذه الاتفاقيات التي ستساعد على تعميم التعليم الأولي، مضيفا أن الوزارة ملتزمة بتعزيز جهود مواكبة تدريب المربيات والمربين بشكل كبير، والتي انتقلت من 200 ساعة إلى 400 ساعة بميزانية أكبر وإجراءات مبسطة.
أما السيد بوطيب، فأكد أن هذه الاتفاقيات تهدف إلى وضع تصور واضح، من خلال تحديد الإطار والوسائل، وتحديد المقاربة المناسبة من أجل النجاح في هذا التعميم واستلهام الأفكار من النموذج الذي وضعته المؤسسة، والتنسيق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في المناطق القروية، والتي تعمل بشكل مثالي لمدة 4 سنوات، مضيفا أن “المؤسسة تدير 12 ألف مدرسة تعنى بالتعليم الأولي ونعتقد أنه بحلول 2028 سنكون قادرين مع باقي الفاعلين على ضمان هذا التعميم بالجودة المطلوبة”.
من جهته، قال السيد دردوري إن الطفولة المبكرة والتعليم الأولي يشكلان محاور أساسية للمرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي انطلقت عام 2018، مؤكدا أن هذه الاتفاقيات تهدف إلى تعزيز تدريب المربيات والمربين الذين يشكلون عنصرا أساسيا من أجل إرساء تعليم أولي ذي جودة.
وتندرج الاتفاقيات الموقعة في إطار حرص وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، على تحقيق العدالة المجالية والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الأطفال خصوصا بالوسط القروي وشبه الحضري وتعبئة الشركاء ومختلف الفاعلين لتنزيل الأهداف الاستراتيجية للتعليم الأولي وانخراطهم في هذا الورش الوطني الهام، باعتباره أحد الخيارات الكبرى للإصلاح التربوي الذي يجسد تعاقدا وطنيا ملزما للجميع.