وفي هذا الإطار، يضيف السيد الراشدي ، اعتمد المغرب مجموعة من التدابير توجت بالعديد من المكتسبات القانونية والمؤسساتية التي تم تحقيقها منذ المراجعة الدستورية لسنة 2011، كاستقلال النيابة العامة وإحداث مفتشية عامة للسلطة القضائية وتقوية أدوار هيئات الحكامة والرقابة العليا.
وتابع أنه وفق مقاربة تشاركية واسعة، تم وضع وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2016-2025، وتم تعزيزها وتوجيهها وهيكلتها، بعد تقييم موضوعي، لتشمل، ابتداء من سنة 2022 مجموعة من الاولويات تهم على الخصوص التحول الرقمي، والرقابة والمساءلة، والطلبيات العمومية، ونزاهة القطاع الخاص.
وأوضح أنه تم كذلك إصدار القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، باعتبارها هيئة دستورية مستقلة، ذات صلاحيات واسعة، سواء على مستوى تقديم التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجال الوقاية ومحاربة الفساد، تم الاشراف على تنسيقها وضمان تتبع تنفيذها، أو على مستوى القيام بعمليات البحث والتحري في قضايا الفساد.
وقال إن هذه السياسات، تعززت بالمصادقة السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على النموذج التنموي الجديد، الذي ي ن ب ني على مبدأ الموازاة بين “دولة قوية” و”مجتمع قوي”، وعلى “أولوية المصلحة العامة، وتدعيم قيم الأخلاقيات والنزاهة “.
ومن جهة أخرى، ذكر السيد الراشدي أن انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع تخليد الذكرى العاشرة لاعتماد اعلان مراكش، معتبرا انها لحظة لإعادة تأكيد الالتزام الدولي بأولوية الوقاية من الفساد، إ ع ت ب ار ا لم كان ت ها الم ت ميزة في تحقيق أهداف مكافحة الفساد، وأثرها العميق، باستهداف تجفيف بؤر الفساد وتطوير السلوكات الفردية والجماعية.
وعبر عن تطلع المغرب إلى أن تفضي اشغال هذه الدورة إلى اعتماد مشروع القرار الذي ستتقدم به المملكة بشأن الوقاية من الفساد، لافتا إلى أن المشروع سيفتح أفقا جديدا لاستثمار إعلان مراكش، سيما ما يخص ملاءمة الاستراتيجيات الوطنية مع وضعيات الأزمات، وجعل الوقاية من الفساد رافعة في خطة التنمية المدمجة والمستدامة.
وأكد أن هذه الدورة تنعقد في ظروف خاصة، تطبعها جائحة كوفيد-19 وتداعياتها على تدبير الشأن العام وما يترتب عن ذلك من مخاطر خلق بؤر فساد جديدة وتقويض جهود مكافحته، سيما فيما يتعلق بالتحديات التي يمكن أن تواجه أجهزة الرقابة وسلطات إنفاذ القانون لاقتفاء أثر الممارسات الفاسدة.
وخلص السيد الراشدي إلى أن هذا المؤتمر، “يعتبر أكبر محفل دولي للتداول في قضايا الفساد، ولحظة فارقة للتفكير الجماعي، وبالتالي فإننا مدعوون لوضع رؤية ملموسة لفتح أفق جديد أمام مختلف الدول لتطوير سياساتها وبرامجها الوطنية من خلال مقاربة تدمج خصوصيات ومستلزمات تدبير الظروف الاستثنائية”.
وانطلقت أمس أعمال الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، بمشاركة نحو 2700 شخصية، من ضمنهم رؤساء دول وحكومات وممثلو المنظمات الإقليمية، والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والمراكز البحثية والقطاع الخاص، وتعقد فعالياته بشكل هجين (حضوري وعن بعد).
وينعقد المؤتمر كل سنتين، حيث تجتمع الدول الأطراف في هذه الاتفاقية لاستعراض تنفيذها ومناقشة الكيفية التي يمكن بها للدول معالجة الفساد بشكل أفضل. ومن بين المواضيع التي ستتم مناقشتها في الدورة التاسعة، الوقاية واسترداد الموجودات والتعاون الدولي، فضلا عن قضايا الملكية الفعلية وكيفية المضي قدما في الالتزامات الواردة في الإعلان السياسي للدورة الاستثنائية للجمعية العامة لمكافحة الفساد.
ويمثل المغرب في المؤتمر وفد يشارك بشكل افتراضي، يضم السادة محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ، وعز الدين فرحان السفير الممثل الدائم للمملكة لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بفيينا ، ومحمد العموري ، الكاتب العام لوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، فضلا عن ممثلين رفيعي المستوى لعدد من الوزارات.
و م ع